إلى الزبيري - أدرجت في 19 أبريل 2009
إلى الزبيري
لدى استقباله في عدن 1944 ميلادية
 
أمُنحتَ من سيل الجحيم لسانا   أم صغت من لهب السعير مكانا
وربيتَ في أثناء حضن النارِ أم       كوَّنتَ من جمراتها إنسـانا
أَمْ أنتَ صاعقةٌ تضجُّ أمِ احتوتْ      جنبـاكَ في أثنائها بركانا
أمْ أنتَ بركانٌ بنفســكَ ثائرٌ     يرمي لظاً من جوفهِ ودخانا
لغةٌ بها خاطبتَ شعبكَ قائلاً     كُنْ غاصباً صعبَ المراسِ فكانا
لكأنما أفرغتَ في أعصابهـم     حَمماً فأشعلَ منهمُ الأبــدانَ
كَلِمٌ من القلبِ الجريحِ نزعتها      ملأتْ فـراغَ نفوسِهمْ إيمانا
كالنجمِ يملؤُ من أشعتِهِ الدُنى    حتى تفيضَ .. ولمْ يزلْ ملآنـا
لم يشهدِ التاريخُ قبلكَ شاعِراً      هـزَّ اليراعَ فأيقضَ الأوطانا
في كلِّ حرفٍ شعــلةٌ مشبوبةٌ     تلجُ النُهى فتُصيرُها هيجانا
قلمٌ خلقتَ به لشعبٍ ميتٍ    روحاً .. وصغـتَ له به وجدانا
منْ كان يأمل أن يراهُ لما بهِ      حنق العواطف ساخطاً غضبانا
عبثَ الطغاةٌ به فماتَ شعورُهُ      واستمرأ الآلام والأحــزانا
حتى خلقتَ من الحماسِ وناره        في كل رأسٍ منهم شيطانا
فإذا الدماءُ تفورُ في أعصابهم         عطفاً على أوطانهم وحنانا
شعلٌ تَشِعُّ من الهتافَ كأنما         أضرمتَ بين ضلوعهم نيرانا
ويطيرُ من تصفيقهم شراراً إذا       ما مسَّ صوتك منهم الآذانا
 
أنعشتَ أمَّتَكَ الضعيفةَ بعدما      صبرتَ على ألامها أزمــانا
حملت لسانُكَ صوتَها فبَعَثْتَهُ    في الخافقــــينِ مدوّياً رنّانا
ووقفتَ تبعثها وتنشد عزها      وبذلتَ نفسكَ دونها مجانــا
ومسحت بالكفِ الكريم دموعها    وأذبت قلبك للجراحِ دهانا
  
*****
يا فتية الشعب المضام أمثلكم      يرضى البقاء مدى الحياة مهانا
أولستم أبنـاء من دان الزما       نُ لهم و طأطأَ رأسَهُ إذعانـا
عافوا الحياةَ ذليلةً واستعذبوا الموت الزوآم وقاوموا الطغيـــانا
شلوا عروشَ الضالمينَ وشتّتوا         شملَ الطغاةَ ومزقوا التيجانا
وأمالهم طرباً صليل سيوفهم       فجفوا القيان وحطموا العيدانا
حفروا قبوراً بالسيوف وأشرعوا    سُمْرَ الرِّمَاحِ لينسجوا أكفانا
بذلوا النفوسَ الغالياتِ وشيَّدوا    لهمُ على هامِ الشُّمُوسِ مكانـا
وبمجدهم غنَّى الزمانُ ورددت       حورُ الجِنانِ بِذِكرِهِم ألحانا
لهُمُ الجدودُ الأكرمون وأنتمُ         أحفادهمْ فتسـاندوا أخوانا
وعلى جلالة قدركم وإبائكم      هاتوا الدليل وإظهروا البرهانا
 
أينَ الكـرامةُ والإباءُ وأينَ ما الإسلامُ من شرفِ النفـوسِ حَبانا
أنسام ذل العسف في أوطاننا        ونذوقُ من ألامهِ ألــوانا
ونظلُّ مكبوتي العواطف خنعاً       سحقاً لنا إن لم نحل جبانـا
أنَعُـقُّ أُمّتنا ونحن نرى مآ         سيها وننظرُ ما تذوقُ عيانا
أنغُضُّ من أبصارنا عن بؤسها         ونصـمُّ عن أنَّاتَها الآذانا
أَ مِنَ المروءةِ إن تصاعد زفرها          فيكون في آذاننا ألحانـا
مَنْ ذاكَ يرقصُ حولَ جثة ميتٍ        ويظلُّ يمرحُ عندها نشوانا
أو مَنْ يُـداهن في قضيةِ أمةٍ         ويغضُّ عن ويلاتها الأجفانا
ويمد خنجره إلى أحشائها ..           ليكون في تمزيقها معوانا
إلا الذي باعَ الكرامةَ واشترى           خِزياً وتاريخاً له لعَّانـا
ذّبح الضميرَ بمِديَـة الأغـراضِ وابتـذلَ الحياءَ لنيلها قـربانا
 
إبكوا لأمتكم وفاءاً واسكبوا          دمعاً يبلُّ فؤادها الضمآنا
والدمع لا يذريه هنانا سوى  من كان عن صون الحفاظ جبانا
لُمُّوا  شتاتكُمُ لها وتكاتفوا          واسعوا إلى إعزازها أعوانا
وإذا غلى إعزازها فتآلبوا        وهبــوا دماءَكُـمُ لـهُ أثمانا
 
أنروم أن [        ] وتضمّد جرحهـا الدامـي أكـفُّ سوانا
فنرى السكوتَ عن المظالم حكمةً        ونَعد نقمتنا لها عصيانا
 
لبيك يا أوطان [     ] وما    في قصدنا شططا ولا عدوانــا
لا نبغ يا أوطان فيك حضارةً           كلا ولا عَلماً ولا ألوانا
نبغ احترام الحق والأعراض لا        نبغي أساطيلاً ولا طيرانـا
ونـريد أن تُعطى النساء ويمنح الأطفال من عبـث الجنود أمانا
ويكون صيتُ الملكِ سِلماً فيك لاحرباً على الشعب الفقير عوانا
فإلى متى وعِصِيّه وأكفُّـهُ        تُدمي الظهورَ وتقصفُ الأبدانا
عبثوا بأمتهم كما شآءوا وما        عرفوا بها شـرعاً ولا قرآنا
 
لاننثـني أبداً فأمــا أن ينــــال الموت منا أو ننال منانا
ستظلُ تكدحُ في الجهادِ عقولنا حتى نرى عرضَ الضعيفِ مصانا
والظلمُ لا يبقى على حالٍ إذا   ألفى الأُباةَ وصادفَ الشجعانَ
وقف الظلوم أمامه حيرانا
                               
    Up     Back
Copyright: www.alfudhool.com Email: info@alfudhool.com