حانة الأحلام
أيها الشعبُ الذي يهوى النشيدا
والبطــــــولات الخوالي والجدودا
والحماســــات التي تلــوي الحديدا
هاك مزمـــــــــــوراً زمرناه فريدا
عنتريـــــــاتي هــــــــوى بيــــــــــــــرقها وحصاني أخذ الخطو الوئيدا
لم يعُـــد يصهــــلُ عقــــــــــــــــــلي فوقَهُ فلقد أصبحَ مكــــدوداً بلـــيدا
وحـماسي بـــــــــردتْ أطــــــــــــــرافُهُ بعد أن كان بأعصــابي وقيدا
وانــزوى في ثَلجِــــه نــــدابـــــــــــــــــةً يهبُ الدَّمعَ شهيـــداً أو فقيدا
وفتــــوحـاتُ خيـــــالي أتعبتـــــــــني فأعَتَقَــــتِ الأسارى والعبيدا
وانتهــى سيـــفي بكفِّــي خشـــــــــــباً لأَرى فيـه مـن العجـزِ مزيدا
بعــد أن أمَّلــت أن أشهـــــد في النَّـاسِ من أخــــلاقهم خـــلـــقاً جـــــديدا
صــــــلفتْ كلُّ الجهـــــــــــالات فلم ألـقَ في مـوكبِها وغداً رشيـدا
هـــؤلاء النـــــاس كـم يعجبـني
أن يَرَوا في زيفهـم مجــــداً مجيـدا
إنهم يعطون للجهـل عروشاً من الضوءِ وخيـلاً وجنودا
يلثمــــــــــــون الإثم تمجيــدا له
ويقيمون على الصدق الحدودا
فأتـــتْ كل العقوبـــــــات بمن
نــزل العقـــــلُ بهم عفاً حميدا
واختفـــى كلُّ نظيــــفٍ حـذرا
أن يـــراه الإثم شيطانا مريدا
وتمشَّـى اللــــصُ في بحبــوحةٍ
يســرقُ الوافرَ فيها والزهيدا
وتمطَّـى من فشت فحشــاءُهُ
وتمـــــــادت عفناً فيه ودودا
أمَّـتي كم رُحــــتُ في غيبوبةٍ بعدها الصحو أتى صحوا عتيدا
كم أكاذيبٍ بنا مرت لتــخرج من تاريخنـــا قبحـــاً طـــــــريدا
ساهــــــماً عُـدتُ حـزينـــــاً واهماً
أحمـــــــلُ الخيبةَ والجهدَ اليؤوسا
لم أعُــــــد حاطبَ ليلٍ حــــــالماً
أن في جوف الدياجير الشموسا
طالما بشَّـرتُ بالحــــــــــــبِّ فمــا
سلَّ أحقــــــاداً ولا زكَّـى نفوسا
كلما الصـــدقُ أتـــانا حــــــــــاكماً
لم يشــعْ رعبا ولم يحصد رؤوسا
لم يشــــــــــأه الناس إلاَّ غاشماً
يصنــــــعُ البأساءَ للناس لبوسا
وإذا مـا لم يكن في طبــــــــعه
افتراسٌ عَلَّمُـــــــــوه الافتراسا
وأحـــالوا روحَهُ مسبعــــــــــةً
تمـلءُ الأنفسَ خـوفاً واحتراسا
وأرَوهُ الســــــــوءَ في أنفسهم
ليــلاقيهم وحــــــوشاً لا أُناسا
وأحاطُوهُ بجوٍ غائـــــــــــــــمٍ
ليرى الحقَّ غموضاً والتباســــا
واطمئنـــوا في وثـــــــوقٍ أنهُ
فَقَدَ الرؤيةَ في الشكِ احتباسا
فــــإذا كل شريـــــــــفٍ عنـده
غادرٌ يتخذ الصفــو لباســـــــا
وعلى مِــرآتــِهِ في كــــــــــــفِّه
قد بدا كلُّ المضيئين خســــاسا
لم أعُـــــدْ أحلـــمُ أني ســــاحرٌ أهبُ الإسعادَ أو ألغـي النُّـحوسا
لم أعـــــد أزعــــم أني قـــــادرٌ عن بيوتِ النارِ أن أُثـــني المجوسا
حانـــــةُ الأحــــلامِ قد أغلقتُها وأطحتُ الـدَّنَّ فـيها والكُــؤوسا
وفـــــراديسـي التي رونقتـــُها بالمُـنى أعطيتـُها مني الفــــــؤوسا
والظنونُ البيضُ قد أحـرقتُها بعد أن شاعـت بها الخيبةُ سوسا
وزبورُ الصدق قد مـزقتُها مُذ أقــــامَ النــاس للزورِ الطقوسا
|